الجمعة، مارس 13، 2009

حزب ملك أو ملك أحزاب : سيان

مند سنة، استقطبت حركة جمعوية عناية المتتبعين الإعلاميين،كما استحوذ حزب سياسي على اهتمام السياسيين و عدد كبير من الحزبيين. الداعي لهذا الاهتمام وتلك العناية كون المبادرة لتأسيس الجمعية ثم الحزب هي لكاتب الدولة في الداخلية السابق وهو نفسه أحد مجموعة ال 14 التي تشكلت خلال التسعينات من القرن الماضي ليكونوا رجالات نظام الحكم لما بعد يوليوز 1999، كما كان يخطط له. من بين ما تميز به الفعل السياسي الرسمي في البلاد منذ تسع سنوات إلى الآن هو التقعيد الجماهيري للحكم، أو محاولة ذلك على الاقل للتميز عن السلف و بأساليب متنوعة من حيث الشكل في المجال الرسمي و الشبه الرسمي : بدأ كاتب الدولة السابق، ليس بتأسيس حزب ثم ينتقل لصنع امتداداته الجماهيرية بجمعيات و نقابات موازية له، بل بدأ بإطار جماهيري جمعوي لاختبار الأعضاء بواسطة تقارير المخابرات ثم محاولة خلق انسجام ولو نسبي فيما بينهم، ثم خلخلة الأحزاب الدولتية في تطبيق خاص لقانون الأحزاب المعدل أخيرا ليصنع بعد ذلك تركيبا تنظيميا حزبيا. إنه تجسيد حقيقي للفعل السياسي الملكي، ذلك أن هذا الأخير لم يدشن العهد الجديد بوضع دستور جديد يميز نموذج حكمه، وإنما انطلق منذ اليوم الأول بتقعيد التعاقد البيعوي بدءا بالأحزاب وممثلي المؤسسات، ثم بخطاب محوره الفصلان 19 و 23 من الدستور ثم بدأت الحركة الجماهيرية في مجالات الاجتماعي و الاقتصادي و الاعلامي و الثقافي مع تأخير مشهود للدبلوماسي و الدستوري. بالتأكيد ان هناك وصية مميزة حول كيفية التعامل مع المغاربة أفرادا و جماهير ومنظمات كما وقع في قمة لابول الفرنكفونية، أو على الأقل هناك استلهام للتميز عن السلف و ابراز خصوصيات الخلف في مزاولة الحكم فالصمت : حكمة، وكلام غير مباشر،و التواضع استقطاب للقلوب، وتتبع المشاريع طمأنة للعقول و الجيوب و الديناميكية : تحفيز على العمل و إحراج للمؤسسات و الأحزاب لكن كما تم في بداية الستينيات بالنسبة للإدارات و الوزارات. ومكالمة الأحزاب : أولى من تهنئة بطل أولمبي ومدونة الأسرة: إنذار بسحب بساط الدين من معتليه سياسيا. إن هذه الحركية هي التي يرمز إليها كاتب الدولة السابق بالجرار: فسرعته متأنية، و تقليبه للأرض أكيد ودوري، و الأولوية لأغلبية المغاربة التي هي بالبادية قبل الأقلية بالمدن. فلا غرابة إذن، إن كانت القيادة الحزبية بثلثيها مشكلة من الجنوب و الشمال أو قل من المنطقة الاسبانية خلال الاستعمار. انه تجاوب ذكي نسبيا مع حادث جزيرة ليلى أو المقدونس الذي احتج وزير على عدم اشعاره به مسبقا في مجلس وزراء وطلب منه الاستقالة إن أراد. ومن الصدفة السياسية أن حزب نفس الوزير احتج إعلاميا ضد الدفع بحزب كاتب الدولة السابق كما انتقدت أحزاب أخرى بنفس الموقف فكان التعجيل بالجواب السياسي المتقن بسقوط مرشحي حزب كاتب الدولة السابق في الانتخابات الجزئية بمراكش رمز مدن الدولة الأكثر حبا وآسفي رمز الاستهلاك، واقتصاد الريع لكن الفوز المظفر محقق لامحالة لاحقا و بالرغم من ذلك فلن يتولى مؤسس الحزب وقبله الجمعية، مسؤولية الوزارة الأولى، إنه لاعب الاحتياط وورقة ضغط على الأحزاب، وحافز على إكراه الولاء و التنافس على إبداءه. خلال المؤتمر الأخير للحزب كان من الطبيعي إبعاد قادة أحزاب سبق انخراطها فيه لما ترمز إليه كدركيين أو بوليس أو متورطين في قضايا شائنة أو لارتباطهم بالبداوة و العداوة الحزبية للمجتمعين حول كاتب الدولة السابق خاصة أمام الأعضاء الذين أوهموا ذاتهم بيساريتهم فترة ما وحلموا ليلة بأنهم سجنوا يوما ما. الصحراء الآن كما كانت صحة المغاربة سابقا، هي بيد الله والثغور و الجزر الجعفرية بيد جماهير الشعب الكادح الطلائعية، إذ لا يعقل أن بلادنا التي يمتد ساحلها على أكثر من ألفين كيلومتر و امتدادها البحري أكثر من سبعين ميلا لا تمتلك جزيرة واحدة و إن استغلتها واحتلتها الطبقة الحاكمة وحرمت الجماهير منها من الوفادة و الاستحمام ومغامرة أطفال يبحثون عن المقارنة بين البحيرة و الجزيرة صخرة كانت أو مشجرة ومغروسة ومعشوشبة. خلافا للخطاب و الموقف السائدين، من حق ملك أن يكون له حزب، فله الرأسمال المالي: أبناك وتأمينات، وله رأسمال ثابت: عقارات وصناعات وشركات. وله رأسمال تجاري داخلي وخارجي و الأسماء الشريفة للمكاتب و الشركات نماذج ذلك وله القوة المسلحة و المدربة وإلا لما كان حامي الحدود و الأمة، إن الحكم طبقي: سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا. و انتقائي: ثقافيا ومدنيا، إنه يتحكم في الملكية و في التبادل ولكل طبيعة ملكية فردية أو جماعية أن يمثلها تنظيم وخطاب سياسيان، لذلك فإن تأسيس حزب سياسي يشخص الفعل الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي وخاصة السياسي هي بطاقة التعريف لنظام حكم سواء قام بتسييره سكريتير أو أمين عام أو رئيس أو رئيس شرفي مع تغييب هذين الأخيرين وراء ستار الفعل التسييري لذات الحزب. المهم، للشفافية و الوضوح، أن يكون حزب نقرأ من خلاله السياسة الخفية ومواقف الطبقة الحاكمة،أفضل من أن يتم ذلك عن طريق وزراء الداخلية وإطارات موازية، إذ ما تعانيه جماهير الشعب هو أن حزبا جل أعضائه يمتلكون الرأسمال المالي و الصناعي بينما مواقفه تعبر عن كونه حزب اقطاعي أو فلاحي وهناك حزب يرفع شعار الاشتراكية كمطمح للطبقة العاملة غير أن قاعدته في أغلبيتها من البرجوازية المتوسطة التي ارتقت في السلم الاجتماعي بالإدارة و الوزارة. لذلك فعلى الأقل أن حزبا كهذا واضح، فهو حزب الأقلية النافذة في الاقتصاد المحلي و التجاري الكمبرادوري و السياسة الطبقية. إن الغموض أقوى وسيلة القمع و الاستلاب كما قال الرئيس المهدي بنبركة. سبق أن اختتمت ملكية نونبر عهدها بحكومة اتحادية، كما افتتحت ملكية يوليوز عهدها بحكومة اتحادية وفق ما اختتمت بها ملكية مارس لتسود فيها بعد وخلال كل حقبة حكومة استقلالية أوتكنوقراطية كان الراجح في ذلك هو تقدير مزاجي سياسي لمن يتولى تنصيب الحكومة. غير أن ملكية مارس بدأت بدسترة العلاقة فيما بين السلط تنفيذا لوصية السلف آنذاك فجاء الدستور الممنوح لسنة 1962 ومن هنا يفهم التاطير للتأسيس الدستوري لما بعد يوليوز 1999 أليست وصية بذلك لتثبيت الحكم؟ بدءا بالتواصل الجماهيري قبل التأطير الدستوري لنموذج جديد لمزاولة الملك أو الحكم.فهل تأخير الدسترة وصية ام إرادة ؟ إن الدسترة تشكل إحراجا كبيرا إذ ستكشف عن النوايا و الخبايا وتوجه نظام الحكم.غير أن هناك حقائق لابد من اعتمادها في الحسبان فمواليد سنة 1996 وهي سنة مراجعة الدستور قد بلغوا لهذه السنة أي 2009 عمر 13 سنة مع اعتبار القوة الاستعابية المعرفية للجيل المتأثر بالمعلوميات أصبح على بينة من تبلور الموقف السياسي لديه و القدرة على الاختيار لطبيعة نظام الحكم و من يتولى تطبيق البرامج المقبولة جماهيريا. عبد السلام الشاوش عضو اللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي